فصل: النَّظَرُ الثَّالِثُ: فِي التراحم فِي الْحِيطَانِ وَالسُّقُوفِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.النَّظَرُ الثَّالِثُ: فِي التراحم فِي الْحِيطَانِ وَالسُّقُوفِ:

وَغَيْرِهَا وَدَفْعِ الضَّرَرِ فِي ذَلِكَ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا أَرْسَلَ فِي أَرْضِهِ نَارًا فَوَصَلَتْ إِلَى زَرْعِ جَارِهِ فَأَفْسَدَتْهُ فَإِنْ كَانَتْ بَعِيدَةً يُؤْمَنُ وُصُولُهَا وَإِنَّمَا حَمَلَهَا رِيحٌ أَوْ نَحْوُهَا لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّطْ وَإِلَّا ضَمِنَ لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ وَمَنْ قُتِلَ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ لَوْ قَامُوا لِلنَّارِ لِيَرُدُّوهَا فَأَحْرَقَتْهُمْ فَدَمَهُمْ هَدْرٌ لَا دِيَةَ وَلَا غَيْرَهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَافَقَ أَشْهَبُ ابْنَ الْقَاسِمِ فِي النَّارِ وَخَالَفَهُ فِي الْمَاءِ وَقَالَ إِنْ كَانَ يُسَيِّرُ الْمَاءَ بِالرَّدِّ فَأَغْفَلَ حِينَ تَسْرِيحِهِ ضَمِنَ وَإِنْ وَلِيَهُ الْخِدْمَةَ ضمن وان حَبسه تحامل عَلَى الْجِسْرِ بِغَيْرِ خَرْقٍ وَلَا ضَعْفٍ مِنَ الْجِسْرِ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ كَانَتْ أَرْضُ جَارِهِ محسرة فتحامل المَاء بِالرِّيحِ أَو لزِيَادَة لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَنْ سَبَبِهِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ يُمْنَعُ فَتْحُ الْكُوَّةِ يُكْشَفُ مِنْهَا الْجَارُ وَكَتَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يُوقَفَ عَلَى سَرِيرٍ فَإِنْ نَظَرَ إِلَى مَا فِي دَارِ جَارِهِ مُنِعَ نَفْيًا لِلضَّرَرِ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ رَفْعِ الْبُنْيَانِ وَإِنْ مَنَعَ عَنْكَ الْهَوَاء أَو الشَّمْس لِأَنَّهُ تصرف يتَوَقَّع فيع غَرَضٌ صَحِيحٌ فِي مِلْكِهِ بِخِلَافِ فَتْحِ الْكُوَّةِ وَلِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يُدْفَعُ عَنْكَ بِضَرَرِهِ بَلْ أَنْتَ بِالضَّرَرِ أَوْلَى لِعَدَمِ الْمِلْكِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَفْعُهُ يَضُرُّ بِجَارِهِ وَلَا نَفْعَ لَهُ فَيُمْنَعُ لِتُعَيُّنِ الْفَسَادِ وَفِي كِتَابِ تَضْمِينِ الصِّنَاعِ لَوْ كَانَت الكوة قديمَة لم يعرض من لَهُ وَلَوْ أَضَرَّتْ لِرِضَاهُمَا بِذَلِكَ وَقِيلَ يُمْنَعُ لِرِضَاهُمَا بِمَا لَا يَحِلُّ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يُمْنَعُ مِنْ سَدِّ الطَّاقَاتِ بِبُنْيَانِهِ وَكَذَلِكَ إِذَا أوجب لظلام الْمنزل أَو منع الْهَوَاء خلافًا لما فِي الْمُدَوَّنَة قَالَ التّونسِيّ إِلَّا الَّذِي فِي نَصْبِ الْأَسِرَّةِ لَعَلَّهُ فِي مَوْضِعٍ يُمْكِنُ فِيهِ نَصْبُ الْأَسِرَّةِ وَأَمَّا الْمَجَارَاتُ فَإِنَّمَا يعْتَبر فِيهَا ادراك الْقَائِم دَار الْجَار فَيمْتَنع وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ بَنَى جِوَارَ الْأَنْدَرِ مَا يَمْنَعُ مَهَبَّ الرِّيحِ لِلتَّذْرِيَةِ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْأَنْدَرِ الْمُتَقَادِمِ لِثُبُوتِ حَقِّهِ فِي الْهَوَاءِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ لِتَصْفِيَةِ الزَّرْعِ وَإِصْلَاحِهِ بِخِلَافِ الْمَسْكَنِ مَقْصُودَةِ السُّتْرَةِ وَالصَّوْنِ وَجَوَّزَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ لَإِمْكَانِ صَرْفِ مَنْفَعَةِ الْأَنْدَرِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَمَنَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِحْدَاثَ الْأَنْدَرِ حَوْلَ الْجِنَانِ لِأَنَّهُ يَضُرُّهُ بِتِبْنِ التَّذْرِيَةِ كَإِحْدَاثِ الْحَمَّامِ وَالْفُرْنِ وَلَا يُمْنَعُ الدَّقَّاقُ وَالْغَسَّالُ يُؤْذِيَانِ جَارَهُمَا بِضَرْبِهِمَا لِخِفَّتِهِ بِخِلَافِ نَتِنِ - الدِّبَاغِ وَيُمْنَعُ ضَرَرُ تِبْنِ الأندر بالجنان وَلَوْ كَانَ الْجَنَانُ طَارِئًا كَمَا كَانَ لَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ مَنْعُهُ مِنْ وَقْعِ التِّبْنِ فِي أَرْضِهِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَكَ مَنْعُهُ مِنَ الْكُوَّةِ فَلَكَ أَنْ تَبْنِيَ فِي مِلْكِكَ مَا تَسُدُّهَا بِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ كَمَا لَوْ رَفَعَ الْبِنَاءَ وَإِنْ سَتَرَ الرِّيحَ وَالشَّمْسَ وَمَنْ لَهُ غُرْفَةٌ يَطَّلِعُ مِنْهَا أَوْ مِنْ كُوَاهَا عَلَى جَارِهِ وَهِيَ قَدِيمَةٌ قَبْلَ دَارِ الْجَارِ لِأَنَّ الْجَارَ إِنَّمَا مَلَكَ مَعِيبًا وَإِنْ كَانَتْ أَو الكوة محدثة أَمر إِزَالَتهَا أَو سترهَا وَلَو كَانَ بجارك يَوْمَ بنيت الْغُرْفَةُ أَوْ كُوَاهَا دَارٌ قَائِمَةٌ فَأَرَادَ مَنْعَكَ لِتَوَقُّعِ ضَرَرِهِ إِذَا بَنَى لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَا بَعْدَهُ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ سَبَقْتَهُ إِلَيْهَا وَقَالَ مُطَرِّفٌ لَهُ مَنْعُكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ لِنَفْيِ الضَّرَرِ عَنْهُ فَلَوْ سَكَتَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَهُ الْمَقَالُ بَعْدَهُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ اشْتَرَيْتَ الْغُرْفَةَ عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا لَهُ مَنْعُكَ فِي إِحْدَاثِهَا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا بَاعَ دَارَهُ وَقَدْ أَحْدَثَ عَلَيْهِ جَارُهُ الْكُوَّةَ أَوْ مَجْرَى مَاءٍ أَوْ غَيْرَهُ فَلَمْ يُخَاصِمْ حَتَّى بَاعَ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الْقِيَامُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا اشْتَرَى مَعِيبًا فَحَقُّهُ سَاقِطٌ فِي الْعَيْبِ وَالضَّرَر فَلَو خَاصَمَ وَلَمْ يَتِمَّ لَهُ الْحُكْمُ حَتَّى بَاعَ فَلِلْمُشْتَرِي الْقِيَامُ لِأَنَّهُ تَنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ قَالَ التُّونِسِيُّ كَيْفَ يَصِحُّ الْبَيْعُ قَبْلَ الْحُكْمِ وَهُوَ شِرَاءُ خُصُومَةٍ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ لَا خُصُومَةَ فِي ذَلِكَ وَأنَّ الْأَمْرَ تَوَجَّهَ لِلْبَائِعِ فَبَاعَ وَأَعْلَمَ الْمُشْتَرِيَ أَنَّ لَهُ سَدَّ مَا أَحْدَثَ عَلَيْهِ وَفِي الْكِتَابِ مَا أَحْدَثَهُ فِي عَرْصَتِهِ مِنْ فُرْنٍ أَوْ حَمَّامٍ أَوْ رَحَى مَاءٍ أَوْ كِيرِ الْحَدِيدِ أَوْ بِئْرٍ أَوْ كَنِيفٍ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ مَا أَضَرَّ مِنْهُ بِالْجَارِ وَاسْتَخَفَّ اتِّخَاذَ التَّنُّورِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا قَالَ أَسَدُّ الْكُوَّةَ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ أَوْ بِلَبِنَةٍ مُنِعَ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ لَهُ بَعْدَ مُدَّةٍ فَيُقَالُ لم يزل هَذَا الْبَاب هَهُنَا.
فَرْعٌ:
قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا أَخَذَتْ إِلَى دَارِكِ شَيْئا مِمَّا بَين الأندر مِنَ الرِّحَابِ وَالشَّوَارِعِ جَازَ إِلَّا أَنْ يَضُرَّ بِأَهْلِ الْمَوْضِعِ أَوِ الْمَارَّةِ فَيُهْدَمُ قَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّ أَصْلَهُ عَلَى التَّمْلِيكِ بِالْإِحْيَاءِ حَتَّى يَتَعَيَّنَ الضَّرَرُ وَعَنْهُ الْكَرَاهَةُ إِنْ لَمْ يَضُرَّ فَإِنْ نَزَلَ مَضَى وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمنعه سَحْنُون وَقَالَ يهدم لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنِ اقْتَطَعَ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَفْنِيَتِهِمْ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ طَوَّقَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعَ أَرَضِينَ وَلَيْسَ هُوَ فِي الصَّحِيحِ وَلِلْجَوَازِ قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبُخَارِيِّ إِذَا تَشَاحُّوا فِي الطَّرِيقِ فَسَبْعَةُ أَذْرُعٍ.
فَرْعٌ:
قَالَ التُّونِسِيُّ قِيلَ مَنْ دَعَا إِلَى قِسْمَةِ بُورِ الْقَرْيَةِ الَّذِي يَرْتَفِقُ بِهِ أُجِيب لِأَنَّهُ حَقه كَفَنَاءِ الدَّارِ بَعْدَ قِسْمَةِ الْبُيُوتِ وَقِيلَ لَا كَالشَّارِعِ وَقِيلَ إِنْ كَانَ دَاخِلًا فِي الْقَرْيَةِ وَهِيَ مُحْتَفَّةٌ بِهِ قُسِّمَ وَإِلَّا فَلَا.
فَرْعٌ:
قَالَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا حَفَرْتَ فِي دَارِكَ مَا يضر بجارك لَيْسَ لَكَ ذَلِكَ إِذَا وَجَدْتَ مِنْهُ بُدًّا وَلَمْ تُضْطَرَّ إِلَيْهِ نَفْيًا لِلضَّرَرِ وَإِلَّا فَلَكَ لِأَنَّهُ يَضْرِبك تَرْكُهُ كَمَا يَضُرُّ بِهِ فِعْلُهُ وَأَنْتَ مُقَدَّمٌ بِالْمِلْكِ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّ الْجَار سبق إِلَى تِلْكَ الْمَنْفَعَة فَلَا تُفْسِدْهَا عَلَيْهِ.
فَرْعٌ:
قَالَ لَيْسَ لَكَ فِي الزُّقَاقِ غَيْرِ النَّافِذِ فَتْحُ بَابٍ وَلَا نقبه لِقُوَّةِ حَقِّ أَهْلِهِ فِيهِ بِانْحِصَارِهِ لَهُمْ وَلَكَ ذَلِكَ فِي النَّافِذِ مَا لَمْ تُضَيِّقِ الْفِنَاءَ وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ إِذَا كَانَ قُبَالَةَ بَابِ رَجُلٍ وَإِلَّا جَازَ وَلَكَ فَتْحُ حَوَانِيتَ فِي دَارِكَ لِلشَّارِعِ النَّافِذِ كَالْبَابِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ أَصْلَ الشَّوَارِعِ عَلَى الْإِحْيَاءِ حَتَّى يتَعَيَّن الضَّرَر وَله تَحْويل بَابه فِي بِئْر النَّافِذِ حَيْثُ لَا يَضُرُّ بِجَارِهِ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ الْحَانُوتَ فِي النَّافِذِ إِذَا أَضَرَّ بِالْجَارِ بِجُلُوسِ النَّاسِ عَلَيْهِ.
فَرْعٌ:
قَالَ قَالَ أَصْبَغُ لَكَ شَجَرَاتٌ فِي أَرْضِ رَجُلٍ أَرَادَ التَّحْجِيرَ عَلَى أَرْضِهِ بِجِدَارٍ مُنِعَ إِنْ كَانَتْ مُجْتَمِعَةً لَا يَضُرُّ بِهِ تَرْكُهَا فِي الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ وَالسُّهُولَةِ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ الضَّرَرَ إِذَا تَعَيَّنَ عَلَى الشَّرِيكَيْنِ حُمِلَ عَلَى أَيْسَرِهِمَا نَصِيبًا وَيَفْتَحُ لَكَ بَابا إِلَيْهَا وَيَكُونُ غَلْقُهُ بِيَدِكَ إِنْ طَلَبْتَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَت شجر كَثِيرَة غياضا لَيْسَ لَهُ التَّحْجِيرُ عَلَيْهَا لِأَنَّ أَكْثَرَ الضَّرَرِ عَلَيْكَ.
فَرْعٌ:
قَالَ إِذَا أَضَرَّتْ شَجَرَةُ جَارِكَ بِجِدَارِكَ وَهِيَ أَقْدَمُ مِنْ جِدَارِكَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ الْيَوْم من الانتشار لَا تقطع لِأَنَّهُ إِنَّمَا مَلَكْتَ مَعِيبًا فَإِنْ زَادَتِ الْأَغْصَانُ بَعْدَ بِنَاءِ الْجِدَارِ شُمِّرَ مَا أَضَرَّ بِالْجِدَارِ مِمَّا حَدَثَ بَعْدَ الْبِنَاءِ لِأَنَّهُ غَيْرُ الْمَدْخُولِ عَلَى ضَرَرِهِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا كَانَتْ أَقْدَمَ لَا يُتَعَرَّضُ لِمَا زَادَ لِدُخُولِهِ عَلَى الزِّيَادَةِ وَإِنْ كَانَتْ مُحْدَثَةَ قُطِعَ مِنْهَا مَا أَضَرَّ وَأَمَّا الشَّجَرُ الَّتِي تَكُونُ فِي الْأَرْضِ بِمِيرَاثٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ قِسْمَةٍ فَامْتَدَّتْ حَتَّى سَتَرَتِ الْأَرْضَ بِالظِّلِّ فَلَا قَوْلَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ لِأَنَّ الشَّجَرَ هَذَا شَأْنُهَا فِي الْأَرْضِ وَوَافَقَنَا (ش) غَيْرَ أَنَّ بَعْضَ الشَّافِعِيَّةِ قَالَ إِذَا كَانَتْ أَغْصَان الشَّجَرَة الْحَادِثَةِ بَعْدَ الْبِنَاءِ لَيِّنَةً يُمْكِنُ كَفُّهَا بِلَا قطع لإِزَالَة الضَّرَر بالكف وان لم يكن فَلَا يَجِبُ الْقَطْعُ بَلْ يُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ الضَّرَرِ فَلَعَلَّهُ يُؤْثِرُ قَطْعَ الشَّجَرَةِ مِنْ أَصْلِهَا لِتَبْقَى لَهُ الْأَغْصَانُ طِوَالًا فَإِنِ امْتَنَعَ فَهَلْ لِلْمَضْرُورِ الْإِزَالَةُ إِنْ لَمْ يَكُنْ قَطَعَ بُخْلًا بِالْقِيمَةِ فَلَهُ وَإِلَّا فَلَا بَلْ لِلْحَاكِمِ فَلَوِ انْتَقَلَتْ للدَّار الْمَضْرُورَة مِنْ صَاحِبِ الشَّجَرَةِ فِي ابْتِدَاءِ نَشْأَتِهَا ثمَّ عظمت حَتَّى أظلت لَا مقَال لَهُ لدُخُوله على ذَلِك وَمَا أَظن أَصْحَابهَا يُخَالِفُونَهُ فِي هَذَا الْفِقْهِ فَإِنَّهُ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُطَرِّفٌ إِذَا حَدَثَ لَهَا أَغْصَانٌ بَعْدَ بُنْيَانِ الْجِدَارِ تَضُرُّ بالجدار شمر مَا أضرّ بالجدار فَقَطْ مِمَّا حَدَثَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُتْرَكُ وَإِنْ أَضَرَّ لِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ أَنَّ هَذَا شَأْنُ الشَّجَرِ وَدَخَلَ عَلَيْهِ وَكَانَ هَذَا مِنْ حَرِيمِهَا قَبْلَ بِنَاءِ الْجِدَارِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ إِنْ عَظُمَتِ الشَّجَرَةُ طُولًا إِلَى السَّمَاءِ فَلَا مَقَالَ كَالْبُنْيَانِ يَسْتُرُ الرِّيحَ وَالشَّمْسَ قَالَ أَصْبَغُ لَكَ شَجَرَةٌ فِي أَرْضِ رَجُلٍ فَعَظُمَتِ ارْتِفَاعًا أَوِ انْبِسَاطًا حَتَّى أَضَرَّتْ بِالْأَرْضِ لَا قَوْلَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ.
فَرْعٌ:
قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا نَبَعَ مِنْ بِئْرِكَ أَوْ عَيْنِكَ فِي أَرْضِ جَارِكَ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ مِنْهُ لَيْسَ لَكَ سَدُّهَا وَإِنْ تَسَبَّبَ فِي ذَلِكَ سَدَدْتَهَا وَقَالَ أَصْبَغُ إِذَا خَرَجَ فِي أَرْضِ جَارِكَ قَضِيبٌ مِنْ شَجَرَةٍ فِي حَائِطِكَ مِنْ تَحْتِ الْأَرْضِ فَصَارَ شَجَرَةً خُيِّرَ جَارُكَ بَيْنَ قَلْعِهَا أَوْ يُعْطِي لَكَ قِيمَتَهَا لِأَنَّهَا من غير مَالِكَ الْمَعْصُومِ وَالْمَاءُ لَا يُمْلَكُ إِلَّا بِالْحَوْزِ وَمَا خَرَجَ مِنْهُ لِجَارِكَ لَمْ تَحُزْهُ وَلَوْ كَانَتْ إِذَا قُطِعَتْ وَغُرِسَتْ نَبَتَتْ فَلَكَ قَلْعُهَا وَلَا يُخَيَّرُ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ يُعْطِيكَ قِيمَتَهَا مقلوعة مَا لم يَضْرِبك بِأَنْ تَشْرَبَ مِنْ عِنْدِكَ وَإِلَّا فَلَكَ قَلْعُهَا إِلَّا أَنْ يَقْطَعَ عُرُوقَهَا الْمُتَّصِلَةَ بِشَجَرِكَ وَتُعْطَى قِيمَتَهَا مَقْلُوعَةً.
فَرْعٌ:
قَالَ قَالَ مُطَرِّفٌ يُمْنَعُ مَا أَضَرَّ بِالنَّاسِ مِنْ إِحْدَاثِ الْأَبْرِجَةِ تَضُرُّ بِالزَّرْعِ أَوِ النَّحْلِ تَضُرُّ بِالشَّجَرِ وَكَذَلِكَ الدَّجَاجُ وَالْإِوَزُّ الطَّيَّارَةُ بِخِلَافِ الْمَاشِيَةِ لِأَنَّ الِاحْتِرَاسَ مِنْهَا مُمْكِنٌ وَدَخَلَ النَّاسُ عَلَيْهِ فِي الْعَادَةِ وَجَوَّزَ ابْنُ الْقَاسِمِ اتِّخَاذَ النَّحْلِ وَالْحَمَامِ قِيَاسًا عَلَى الْمَاشِيَةِ وَعَلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ حِفْظُ زَرْعِهِمْ وَشَجَرِهِمْ.
فَرْعٌ:
قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا سَقَطَ الْجِدَارُ بَيْنَكُمَا وَهُوَ لِأَحَدِكُمَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَى بِنَائِهِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ سَتْرُكَ بِمِلْكِهِ أَوْ لَكمَا جبر الْمُمْتَنع مِنْكُمَا عَلَى الْبِنَاءِ مَعَ صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرِكَةِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ إِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا فَهَدَمَهُ أَوِ انْهَدَمَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ وَتَرَكَ رَدَّهُ ضَرَرًا - وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى بِنَائِهِ جُبِرَ عَلَى رَدِّهِ فَإِنْ عَجَزَ سَتَرَ الْآخَرُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْبِنَاءِ فِي حَقِّهِ وَإِنْ هَدَمَهُ لِلضَّرَرِ أُجْبِرَ عَلَى الْإِعَادَةِ أَوْ هَدَمَهُ لِنَفْعِهِ ثُمَّ عَجَزَ أَوِ اسْتَغْنَى عَنْهُ لَمْ يُجْبَرْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُجْبَرُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا انْهَدَمَ وَيُجْبَرُ عِنْدَ ابْنِ كِنَانَةَ وَأَجْمَعُوا عَلَى الْإِجْبَارِ إِذا هَدمه للضَّرَر وَعَن ابْن كنَانَة لَا يجْبر إِذَا كَانَ لَهُمَا أَيْضًا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يجْبر على تَجْدِيد ملكه وَفِي الْمَجْمُوعَة إِذا كَانَ بَيْنَهُمَا وَانْهَدَمَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ لَا يُجْبَرُ وَيُخَيَّرُ فِي الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْبِنَاءِ وَالْبَيْعِ وَالْمُقَاسَمَةِ جَمْعًا بَيْنَ الْمَصَالِحِ.
فَرْعٌ:
قَالَ إِذَا اخْتَلَفْتُمَا فِي جِدَارٍ بَيْنَكُمَا وَعَقْدُ بِنَائِهِ إِلَيْكُمَا فَهُوَ لَكمَا بعد أيمانكما لاسوائكما فِي السَّبَبِ أَوْ لِأَحَدِكُمَا فَقَطْ فَهُوَ لَهُ أَوْ مُنْقَطِعًا عَنْكُمَا فَلَكُمَا لِاسْتِوَائِكُمَا وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِكُمَا فِيهِ كُوَّةٌ فَهُوَ لِمَنْ فِيهِ مَرَافِقُهُ وَإِنْ كَانَتِ الْكُوَّةُ لَكُمَا فَهُوَ بَيْنُكُمَا وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِكُمَا فِيهِ خَشَبٌ وَلَا عَقْدَ لِأَحَدِكُمَا فَهُوَ لِمَنْ عَلَيْهِ حَمْلُهُ وَإِنْ كَانَ حَمْلُكُمَا عَلَيْهِ فَهُوَ بَيْنكُمَا فَإِن كَانَ لأحد كَمَا عَشْرُ خَشَبَاتٍ وَلِلْآخَرِ سَبْعَةٌ تُرِكَ عَلَى حَالِهِ لَا يزِيد أَحَدكُمَا خشبا إِلَّا برضى صَاحبه وان انْهَدم بُنْيَانه جَمِيعًا عَلَى حَالِهِ وَيُقَالُ لِلْمُمْتَنِعِ بِعِ الدَّارَ كُلَّهَا مِمَّنْ يَبْنِي وَاخْتَلَفَ قَوْلُ سَحْنُونٍ فِي الْحَمْلِ هَلْ هُوَ دَلِيلٌ أَمْ لَا وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ إِذَا كَانَ وَجْهُ الْبِنَاءِ لأَحَدهمَا وَللْآخر ظَهره فَهُوَ بَينهمَا وَلَمْ يَجْعَلْ وَجْهَ الْبِنَاءِ دَلِيلًا وَالْحَائِطُ لِمَنْ لَهُ الْبَابُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ لِمَنِ الْبَابُ فَهُوَ بَيْنُهُمَا نِصْفَانِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ عَشْرُ خَشَبَاتٍ وَلِلْآخَرِ خَمْسَةٌ أَوْ خَشَبَةٌ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَقَالَ مَنْ خَالَفَنَا هُوَ لِصَاحِبِ الْكَثِيرِ إِلَّا مَوْضِعُ الْخَشَبَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي الْكُوَى غَيْرِ الْمَنْفُوذَةِ نَظَرٌ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا كَانَ حَائِطٌ حَذْوُهُ حَائِطٌ وَعَقْدُ أَحَدِهِمَا لِأَحَدِكُمَا وَعَقْدُ الْآخَرِ لِجِهَةِ الْآخَرِ قُضِيَ لِكُلِّ وَاحِدٍ بِالْحَائِطِ الَّذِي إِلَيْهِ عَقْدُهُ وَإِذَا أَرَادَ مَنْ لَهُ الْعَقْدُ وَعَلَيْهِ حِمْلٌ لغيره - الْبناء على الْحَائِط امْتنع ان ضرّ بِحَمْلِ الْآخَرِ وَإِلَّا فَلَا وَإِذَا كَانَ حَائِطٌ بَيْنَكُمَا فَأَرَدْتَ الْحَمْلَ عَلَيْهِ مَا يَمْنَعُ الْآخَرَ حَمْلَ مِثْلِهِ عَلَيْهِ يَمْتَنِعُ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَكَ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ حَمْلِ مِثْلِهِ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَحْمِلَ عَلَيْهِ مَا لَا يَحْمِلُ الْحَائِطُ مِثْلَهُ لِلْآخَرِ وَيَضْعُفُ الْجِدَارُ وَأَرَدْتَ هَدْمَهُ وَبِنَاءَهُ لِلْحَمْلِ عَلَيْهِ مَا يحمل عَلَيْهِ للْآخر مثله لَك ذَلِكَ وَإِنْ كُرِهَ لِأَنَّكَ تَسْعَى فِي مَصْلَحَتِكُمَا وَيَبْقَى الْجِدَارُ بَيْنَكُمَا كَمَا كَانَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا كَانَ لَكُمَا عَلَيْهِ خَشَبٌ وَخَشَبُكَ أَسْفَلُ مِنْ خَشَبِهِ فَأَرَدْتَ رَفْعَهُ قُبَالَتَهُ لَكَ ذَلِكَ وَإِنْ كَرِهَ فَإِنْ أَنْكَرَ صَاحِبُ الْأَعْلَى أَنْ يَكُونَ لِصَاحِبِ الْأَسْفَلِ مِنْ فَوْقِ خَشَبِهِ شَيْءٌ صَدَقَ مَعَ يَمِينِهِ لِحَوْزِهِ لِمَا فَوْقَ خَشَبِ الْأَسْفَلِ.
فَرْعٌ:
قَالَ إِذَا اعْتَلَّ السُّفْلُ وَأَرَدْتَ إِصْلَاحَهُ فَعَلَيْكَ تَعْلِيقُ الْأَعْلَى بِبِنَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ لِأَن عَلَيْك الْعَمَل وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ عَلَى الْعُلُوِّ عُلِّقَ بِحَمْلِ الْأَعْلَى عَلَى الْأَوْسَطِ إِذَا اعْتَلَّ الْوَسَطُ.
فَرْعٌ:
قَالَ قَالَ سَحْنُون إِذا أردْت تلبيس حائطك من دَار جَارك لَيْسَ لَهُ مَنْعُكَ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَمْكِينُكَ مِنْ ملكك كَمَا لَو أَلْقَت الرِّبْح ثَوْبَكَ فِي دَارِهِ لَيْسَ لَهُ مَنْعُكَ مِنَ الدُّخُولِ لَهُ أَوْ يُخْرِجُهُ إِلَيْكَ.
فَرْعٌ:
قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا كَانَتْ خَرِبَةً بَيْنَ الدُّورِ فَامْتَلَأَتْ مِنْ قُمَامَةِ النَّاسِ وَأَضَرَّ ذَلِكَ بِجِدَارِ جَارِ الْخَرِبَةِ فَطَالَبَ صَاحِبَ الْخَرِبَةِ بِإِزَالَةِ الضَّرَرِ عَنْهُ بِالتَّنْظِيفِ فَقَالَ لَيْسَ هَذَا مِنْ تُرَابِي لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ وَيُنَظِّفُ لِأَنَّ الضَّرَرَ الْآنَ مِنْ جِهَتِهِ وَقَالَ أَيْضًا عَلَى الْجِيرَانِ كَنْسُهُ يُؤْخَذُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ عَلَى الِاجْتِهَادِ.
فَرْعٌ:
قَالَ إِذَا ارْتَدَمَ السُّفْلُ مِنَ الطَّرِيقِ وَضَاقَ عَلَيْهِ مُدْخِلُهُ فَعَلَى صَاحِبِ الْعُلُوِّ أَنْ يُوَسِّعَ لَهُ فِي هَوَاهُ وَبُنْيَانِهِ بِثَمَنٍ يَدْفَعُهُ إِلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ وَقَالَ أَيْضًا فِي قَنَاةِ رَجُلٍ تَجْرِي عَلَى آخَرَ فَاحْتَاجَ الَّذِي تجْرِي عَلَيْهِ الْقَنَاة لردم لاداره لِأَنَّ الطَّرِيقَ عَلَتْ عَلَيْهِ لَهُ ذَلِكَ وَيُقَالُ لِصَاحِبِ الْقَنَاةِ أَعْلِ دَارَكَ إِنْ شِئْتَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَكَ وَقَالَ ابْنُ اللَّبَّادِ الْقِيَاسُ أَلَّا يَفْعَلَ إِلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِ الْقَنَاةِ لِحَقِّهِ فِي جَرْيِ الْقَنَاةِ.
فَرْعٌ:
قَالَ قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ إِذَا نَقَلَ الْمَطَرُ تُرَابَكَ فَسَدَّ بِهِ عَلَى آخَرَ مَخْرَجَهُ لَا تُجْبَرُ عَلَى نَقْلِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ فِعْلِكَ بَلْ لَكَ نَقْلُهُ لِأَنَّهُ مِلْكُكَ.
فَرْعٌ:
قَالَ إِذَا كَانَتْ دَارٌ بِجَنْبِ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ فَأَرَادَ غَلْقَ بَابِ الدَّارِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ وَفَتْحَهُ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ لِشَرِيكِهِ مَنْعُهُ لِحَقِّهِ فِي مَوْضِعِ الْفَتْحِ قَالَهُ مَالِكٌ وَجَوَّزَ فَتْحَهُ فِي حَائِطِ دَارِ نَفْسِكَ لِتَدْخُلَ دَارَ الشَّرِكَةِ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَطُولُ الْأَمَدُ فَيَظُنُّ أَنَّ فَتْحَهُ حَقٌّ عَلَى دَارِ الشَّرِكَةِ وَلَوْ قُسِّمَتِ الدَّارُ الْمُشْتَرَكَةُ فَأَرَدْتَ غَلْقَ بَابِكَ وَفَتْحَهُ فِي النِّصْفِ الَّذِي حَصَلَ لَكَ قَالَ مَالِكٌ إِنْ أَرَدْتَ الرِّفْقَ جَازَ أَو تَجْعَلهُ ممرا لِلنَّاسِ امْتَنَعَ لِضَرَرِ الشَّرِيكِ فِي نِصْفِهِ قَالَ وَمُرَادُهُ أَنَّكَ تَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ إِلَى بَابِ دَارِكَ لِأَنَّكَ تُخَفِّفُ عَنْ صَاحِبِ النِّصْفِ الْآخَرِ بَعْضَ الْمُرُورِ فَقَدْ كَانَ لَكَ سُكْنَى نُصِيبِكَ وَتَخْرُجُ بِأَهْلِكَ مِنْهُ أَمَّا لَوْ عَطَّلْتَ الْخُرُوجَ مِنْ بَابِ دَارِكَ امْتَنَعَ لِأَنَّ ضَرَرَ عِيَالَيْنِ أَكْثَرُ مِنْ ضَرَرِ عِيَالٍ.
فَرْعٌ:
فِي الْجَوَاهِرِ يَجُوزُ إِخْرَاجُ الرَّوَاشِنِ وَالْأَجْنِحَةِ عَلَى الْحِيطَانِ إِلَى طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَضَى فِي الْأَفْنِيَةِ لِأَرْبَابِ الدُّورِ وَفَسَّرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ بِالِانْتِقَالِ مِنَ الْمَجَالِسِ وَالْمَرَابِطِ وَجُلُوسِ الْبَاعَةِ فِيهَا لِلْبِيَاعَاتِ الْخَفِيفَةِ دُونَ الْحِيَازَة بالبنيان والتحظير وَالسِّكَّة المستدة كَالْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ سُكَّانِ السِّكَّةِ يُمْنَعُ إِخْرَاجُ الْجَنَاحِ إِلَيْهَا وَفَتْحُ بَابٍ جَدِيدٍ فِيهَا إِلَّا بِرِضَاهُمْ وَلَوْ فَتَحَ بَابَ دَارٍ لَهُ أُخْرَى إِلَى دَاره الَّتِي فِي السِّكَّة المستدة لِيَرْتَفِقَ بِهِ لَا لِيَجْعَلَهُ كَالسِّكَّةِ النَّافِذَةِ جَازَ.
قَاعِدَةٌ:
حُكْمُ الْأَهْوِيَةِ حُكْمُ مَا تَحْتَهَا فَهَوَاءُ الْوَقْفِ وَقْفٌ وَهَوَاءُ الطَّلْقِ طَلْقٌ وَهَوَاءُ الْمَوَاتِ مَوَاتٌ وَهَوَاءُ الْمَمْلُوكِ مَمْلُوكٌ وَمُقْتَضَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنْ يُمْنَعَ بَيْعُ هَوَاءِ الْمَسَاجِدِ وَالْأَوْقَافِ إِلَى عَنَانِ السَّمَاءِ لِمَنْ أَرَادَ غَرْسَ خَشَبٍ حَوْلَهَا ويبنى على رُؤُوس الْخشب سقفا وبنيانا وان يمْنَع اخراج الرواش لِأَنَّهَا فِي هَوَاءِ الشَّارِعِ الَّذِي يُمْنَعُ فِيهِ الِاخْتِصَاصُ غَيْرَ أَنَّ الْمَنْعَ ثَمَّةَ لِنَفْيِ الضَّرَرِ وَإِلَّا فأصله موَات يقبل الْأَحْيَاء ولاضرر فِي هوائه فَيجوز التَّصَرُّفُ فِيهِ.
فَرْعٌ:
قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ لَكَ دَارَانِ مُتَقَابِلَانِ عَلَى يَمِينِ الطَّرِيقِ وَشَمَالِهِ لَكَ أَنْ تَبْنِيَ عَلَيْهِمَا سِبَاطًا تَعْمَلُ عَلَيْهِ غُرْفَةً وَنَحْوَهَا.
فَرْعٌ:
قَالَ الْجِدَارُ لَكَ بَيْنَ الدَّارَيْنِ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ جَارُكَ إِلَّا بِإِذْنِكَ فَإِنِ استعاره لِوَضْعِ جِذْعِهِ عَلَيْهِ لَمْ تَلْزَمْكَ الْإِعَارَةُ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ مِلْكِهِ إِلَّا لضَرَر الْغَيْر وَلَا ضَرَر هَهُنَا ولهذه الْقَاعِدَة حمل قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يمعن أَحَدُكُمْ جَارَهُ مِنْ وَضْعِ خَشَبَةٍ عَلَى جِدَارِهِ عَلَى النَّدْبِ وَإِذَا أَعَرْتَ لَا تَرْجِعُ إِلَّا لِضَرُورَةٍ تَعْرِضُ لِجِدَارِكَ وَلَمْ تُرِدِ الضَّرَرَ لِأَنَّ الْعَارِيَةَ تَمْلِيكُ مَنَافِعٍ وَرُوِيَ لَيْسَ عَلَيْكَ نَزْعُهَا وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ احْتَجْتَ إِلَى جِدَارِكَ أَمْ لَا مِتَّ أَوْ عِشْتَ بِعْتَ أَوْ وَرِثْتَ حَمْلًا لِلنَّهْيِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى التَّحْرِيمِ وَوُجُوبِ تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ وَأَمَّا الْجِدَارُ الْمُشْتَرَكُ لَيْسَ لِأَحَدِكُمَا الِانْتِفَاع إِلَّا بِرِضَى صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْر وَيجْبر على قسمه عِنْدَ التَّنَازُعِ الْمُمْتَنِعِ مِنْهُمَا تَحْصِيلًا لِلِانْتِفَاعِ بِالْمِلْكِ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُقَسَّمُ إِلَّا عَنْ تَرَاضٍ وبالقرعة لتوقع الضَّرَر فِي قسْمَة الْجِدَار وَيجْبر الْمُمْتَنِعُ مِنَ الْعِمَارَةِ بَيْنَ الْعِمَارَةِ وَالْمُقَاوَاةِ وَالْبَيْعِ مِمَّنْ يَعْمَلُ أَوْ يُبَاعُ عَلَيْهِ مِنْ حَقِّهِ مَا بِهِ يعْمل بَاقِي حَقه وَلَا تمنع أَنْتَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِحَقِّهِ لِضَرَرِهِ بِذَلِكَ وَأَمَّا مَا يَنْقَسِمُ فَيُقَسَّمُ بَيْنَكُمَا وَاخْتُلِفَ فِي الْحَائِطِ بَيْنَكُمَا يَحْتَاجُ لِلإصلَاحِ قِيلَ يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ نَفْيًا لِلضَّرَرِ وَقِيلَ لَا بَلْ يُصْلِحُ مَنْ أَرَادَ فِي حَقِّهِ.
فَرْعٌ:
قَالَ إِذَا انْهَدَمَ السُّفْلُ وَالْعُلُوُّ جُبِرَ صَاحِبُ السُّفْلِ عَلَى الْبِنَاءِ أَوْ يَبِيع مِمَّنْ يَبْنِي حَتَّى يَبْنِيَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ لِأَنَّ عَلَيْهِ حَمْلَ الْعُلُوِّ وَعَلَيْهِ الْخَشَبَ وَالْجَرِيدَ قَالَ أَشْهَبُ وَبَابَ الدَّارِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ السُّلَّمُ إِذَا كَانَ لَهُ عُلُوٌّ حَتَّى يَبْلُغَ عُلُوَّهُ ثُمَّ عَلَى صَاحِبِ الْعُلُوِّ الْأَعْلَى وَقِيلَ عَلَى صَاحِبِ السُّفْلِ بِنَاءُ السُّلَّمِ إِلَى حَدِّ الْعُلُوِّ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ عُلُوٌّ آخَرُ فَعَلَى صَاحِبِ الْعُلُوِّ الْأَوْسَطِ بِنَاءُ السّلم من حد الْعُلُوّ إِلَى سقف الَّذِي عَلَيْهِ علو الْآخَرِ لِأَنَّ الْأَسْفَلَ أَبَدًا عَلَيْهِ الْحَمْلُ وَالتَّمْكِينُ مِنْ مَنَافِعِ الْعُلُوِّ.
فَرْعٌ:
قَالَ وَمَنْ لَهُ إِجْرَاءُ مَاءٍ عَلَى سَطْحِ غَيْرِهِ فَالنَّفَقَةُ فِي السَّطْحِ عَلَى مَالِكِهِ دُونَ صَاحِبِ الْمَجْرَى لِأَنَّ عَلَيْهِ التَّمْكِينَ وَسَقْفَ السُّفْلِ لِصَاحِبِ السُّفْلِ وَلِصَاحِبِ الْعُلُوِّ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ الزِّيَادَةُ فِي الْبُنْيَانِ وَلَهُ رَفْعُهُ.
فَرْعٌ:
قَالَ يَجُوزُ بَيْعُ حَقِّ الْهَوَاءِ لِإِخْرَاجِ الْأَجْنِحَةِ مِنْ غَيْرِ أَصْلٍ يَعْتَمِدُهُ الْبِنَاءُ.
فَرْعٌ:
قَالَ حَقُّ الْمِسِيلِ وَمَجْرَى الْمَاءِ وَحَقُّ الْمَمَرِّ وَكُلُّ حَقٍّ مَقْصُودٌ عَلَى التَّأْبِيدِ لِأَنَّهُ مِلْكٌ.
فَرْعٌ:
قَالَ إِذَا انْهَدَمَتِ الرَّحَى فَأَقَمْتَهَا وَامْتَنَعَ الْبَاقُونَ فَالْغَلَّةُ كُلُّهَا لَكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْكَ أُجْرَةُ أَنْصِبَائِهِمْ جزَافا وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْغَلَّةُ بَيْنَكُمْ وَلَكَ مِنْ أنصبائهم مَا انفقته لِأَنَّكَ تَنْتَفِعُ بِمِلْكِهِمْ عَامِرًا وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَنْتَ شَرِيكٌ بِمَا زَادَ عَمَلُكَ عَلَى جُزْئِكَ الْمُتَقَدِّمِ فِي غَلَّةِ الرَّحَى وَلَكَ أُجْرَةُ مَا أَقَمْتَ فِي حِصَصِ أَصْحَابِكَ بِأَنْ تَقُومَ الرَّحَى غَيْرَ مَعْمُولَةٍ فَيُقَالُ عَشَرَةٌ وَبَعْدَ الْعَمَلِ خَمْسَةَ عَشَرَ فَلَكَ ثُلُثُ الْغَلَّةِ وَالْبَاقِي بَيْنَكُمْ وَعَلَى الَّذِي لَمْ يَعْمَلُ مَا يَنُوبُهُ مِنَ الْأُجْرَةِ للْعَمَل فِي قِيَامِهِ بِغَلَّتِهَا ثُمَّ أَرَادَ الدُّخُولَ مَعَكَ أَعْطَاكَ مَا يَنُوبُهُ مِنْ قِيمَةِ ذَلِكَ يَوْمَ يذفع ذَلِكَ إِلَيْكَ.
فَرْعٌ:
قَالَ إِذَا ادَّعَيْتَ عَلَى رَجُلَيْنِ دَارًا فَصَدَّقَكَ أَحَدُهُمَا فَصَالَحْتَهُ عَلَى مَالٍ للْآخر الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّ الصُّلْحَ بَيْعٌ.
فَرْعٌ:
قَالَ إِذَا تَنَازَعَ صَاحِبُ السُّفْلِ وَالْعُلُوِّ السَّقْفَ صُدِّقَ صَاحب السّفل لِأَن الْيَد لَهُ كالحمل عَلَى الدَّابَّةِ يُصَدَّقُ صَاحِبُهَا دُونَ الْأَجْنَبِيِّ وَيُصَدَّقُ رَاكِبُ الدَّابَّةِ دُونَ الْمُتَعَلِّقِ بِلِجَامِهَا وَلِأَنَّ الْبَيْتَ لَا يَكُونُ بَيْتًا إِلَّا بِسَقْفِهِ وَلَوْ كَانَ السُّفْلُ بِيَدِكَ وَالْعُلُوُّ بِيَدِ آخَرَ - وَطَرِيقُهُ فِي ساحة السّفل - وتداعيتما الدَّار كلهَا قَالَ أَشْهَبُ الدَّارُ لَكَ إِلَّا الْعُلُوَّ وَطَرِيقُهُ لِلْيَدِ بَعْدَ أَيْمَانِكُمَا أَوْ نُكُولِكَمَا أَوْ نُكُولِ أَحَدِكُمَا فَيُقْضَى لِلْحَالِفِ مِنْكُمَا.
فَرْعٌ:
قَالَ مَنْ سَبَقَ إِلَى مَوْضِعٍ مُبَاحٍ لَهُ الْجُلُوسُ فِيهِ فَلَا يُزْعَجُ مِنْهُ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِالسَّبْقِ.
فَرْعٌ:
فِي الطُّرُقِ وَالْمَسَاجِدِ قَالَ وَيُنْتَفَعُ بِالْمَسَاجِدِ بِالصَّلَاةِ وَالْجُلُوس وَالذكر وَالْقِرَاءَة والانشغال بِالْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَالِاعْتِكَافِ وَخُفِّفَ فِي الْقَائِلَةِ وَالنَّوْمِ فِيهَا نَهَارًا لِلْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ وَالْمَبِيتِ لِلْمَارِّ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَّخِذَ الْمَسْجِدَ مَسْكَنًا إِلَّا رَجُلٌ مُجَرَّدٌ لِلْعِبَادَةِ فِيهِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ وَأَرْخَصَ مَالِكٌ فِي طَعَامِ الضَّيْفِ فِي مَسَاجِدِ الْبَادِيَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ شَأْنَ تِلْكَ الْمَسَاجِدِ وَكَرِهَ وَقُودَ النَّارِ وَأَجَازَ الْعُلُوَّ مَسْجِدًا وَيُسْكَنُ السُّفْلُ وَلَمْ يُجِزِ الْعَكْسَ لِأَنَّ مَا فَوْقَ الْمَسْجِدِ لَهُ حُرْمَةُ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ إِذَا بَاتَ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ لَا يَقْرَبُ فِيهِ امْرَأَةً وَأَرْخَصَ فِي الْمُرُورِ فِيهِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ دُونَ جَعْلِهِ طَرِيقا وَكره دُخُولُهُ بِالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ الَّتِي يُنْقَلُ عَلَيْهَا إِلَيْهِ خَشْيَةَ أَرْوَاثِهَا وَلَمْ يُكْرَهِ الْإِبِلُ لِطَهَارَةِ أَبْوَالِهَا وَكُرِهَ الْبُصَاقُ فِيهِ عَلَى الْحَصَى وَالتُّرَابِ ثُمَّ يَحُكُّهُ وَاتِّخَاذُ الْفُرُشِ لِلْجُلُوسِ أَوِ الْوَسَائِدِ لِلِاتِّكَاءِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَأْنِ الْمَسْجِدِ وَرُخِّصَ فِي الْخمر والمصليات والنخاخ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ لَهُ خُمْرَةٌ وَيُمْنَعُ تَعْلِيمُ الصِّبْيَانِ وَدُخُولُهُمْ لَهُ إِلَّا للصَّلَاة لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ وَمَجَانِينَكُمْ وَبَيْعَكُمْ وَشِرَاءَكُمْ وَخُصُومَاتِكُمْ وَسَلَّ سُيُوفِكُمْ وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ وَإِقَامَةَ حُدُودِكُمْ وَجَمِّرُوهَا أَيَّام جمعكما وَيكرهُ البيع وَالشِّرَاء وسل السَّيْف وَرفع الصَّوْت وإنشاد الضَّالة والهتف بالجنائز وكلاما يُرْفَعُ فِيهِ الصَّوْتُ حَتَّى بِالْعِلْمِ لِأَنَّهُ مِنْ قِلَّةِ الْأَدَبِ عِنْدَ الْأَمَاثِلِ وَعِنْدَ مَنَازِلِهِمْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَدْ كُنْتُ أَرَى بِالْمَدِينَةِ رَسُولَ أَمِيرِهَا يَقِفُ بِابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي مَجْلِسِهِ إِذَا اسْتَعْلَى كَلَامُهُ وَكَلَامُ أَهْلِ الْمَجْلِسِ فِي الْعِلْمِ فَيَقُولُ يَا أَبَا مَرْوَانَ - اخْفِضْ مِنْ صَوْتِكَ وَمن جلسائك - وَقد قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا تمر فِي الْمَسَاجِد بِلَحْمٍ وَلَا تُنْفِذُوا فِيهَا النَّبْلَ» بِمَعْنَى الْإِدَارَةِ عَلَى الظَّفَرِ لِيُعْلَمَ اسْتِقَامَتُهَا وَلَا تُزَيِّنُ بِالْقَوَارِيرِ أَيِ الزُّجَاجِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنَّا نَكْرَهُ الْقَوَارِيرَ الَّتِي عُمِلَتْ بِمَسْجِدِنَا بِقُرْطُبَةَ كَرَاهَةً شَدِيدَةً بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تُعْمَلَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْعَلُوا مَطَاهِرَكُمْ عَلَى أَبْوَابِ مَسَاجِدِكُمْ وَأَقْبَحُ مِنْ ذَلِكَ مَا فُعِلَ بِقُرْطُبَةَ مِنْ فَتْحِ أَبْوَابِ الْمَيَاضِي فِي الْمَسْجِدِ بَلْ تُفْتَحُ خَارِجَهُ عَلَى حِدَةٍ وَقَدْ نَبَّهَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيذكر فِيهَا اسْمه} وَرَفْعُهَا تَعْظِيمُهَا وَإِجْلَالُهَا عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهَا.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا بَعِيدَةً مِنْ بِئْرِكَ فَانْقَطَعَ مَاءُ بِئْرِكَ لِذَلِكَ فَلَكَ رَدْمُ بِئْرِهِ نَفْيًا لِلضَّرَرِ.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَحْدَثَ فَوْقَ الرَّحَى الْقَدِيمَةِ رَحًى وَأَضَرَّتْ بِبَعْضِ طَحْنِ الْقَدِيمَةِ أَو بتكثير مؤنها أَو ضَرَر بَين مَعَ ذَلِكَ فَإِنْ أُشْكِلَ أَمْرُهَا أُذِنَ لَهُ بِشَرْطِ ان أضرت نقصت وَلَو عمل بِغَيْرِ حُكْمٍ فَتَبَيَّنَ الضَّرَرُ وَالْأَوَّلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ فَلَمْ يُنْكِرْ ثُمَّ قَالَ مَا ظَنَنْت أَنه يضرني فَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ لَمْ يُسْمَعْ قَوْلُهُ وَإِلَّا حَلَفَ مَا سَكَتَ رِضًى وَأُزِيلَ الضَّرَرُ عَنْهُ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فَأَذِنَ ثُمَّ تَبَيَّنَ الضَّرَرُ فَهُوَ حُكْمٌ مَضَى وَلَوْ تَرَكَهُ الْأَوَّلُ حَتَّى بَنَى ثُمَّ طَلَبَ إِزَالَةَ الضَّرَرِ لَمْ يُهْدَمْ لِأَنَّهُ تَرَكَهُ حَتَّى أَنْفَقَ النَّفَقَةَ الْعَظِيمَةَ وَقِيلَ يُهْدَمُ وَلَوْ خَرِبَتْ رَحًى فَبَنَى آخَرُ رَحًى تَضُرُّ بِالْأَوَّلِ لَوْ أُعِيدَتْ ان كَانَ خرابا دائرا لَمْ يُمْنَعْ وَإِنْ لَمْ يَصِلِ الْإِضْرَارُ إِلَى حَدِّ التَّعْطِيلِ لَمْ يُمْكِنْ إِنْ أَرَادَ الْأَوَّلُ إِعَادَةَ رَحَاهُ وَإِلَّا فَلَا قَالَ أَصْبَغُ فَإِنِ ابتدأا رحائين فِي أرضهما فَلَمَّا فرغا أضرّ أَحدهمَا بِالْأُخْرَى إِن تقدم أَحدهمَا بِمَالِه بَال ثُمَّ عَمِلَ الْآخَرُ فَسَبَقَهُ أَمْ لَا مُنِعَ إِنْ كَانَ الْمُضِرَّ وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا لَمْ يُمْنَعْ فَإِنْ تَبَيَّنَ الضَّرَرُ مُنِعَا مَعًا.
فَرْعٌ:
قَالَ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي تجربة المَاء فِي أرضه لرحاه لَيْسَ لَهُ مَنْعُ ذَلِكَ بَعْدُ لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ مَا لَمْ تُؤَقَّتْ فَلَكَ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْأَمَدِ وَإِنْ سمى عَارِية فَلهُ أمد مَا كَانَ لِمِثْلِهِ.
فَرْعٌ:
قَالَ فِي الْكِتَابِ مَنْ حَفَرَ حَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ ضَمِنَ مَا يَعْطَبُ فِي حَفِيرِهِ مِنْ دَابَّةٍ وَإِنْسَانٍ.
فَرْعٌ:
قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا هَارَتِ الْبِئْرُ تَمْتَنِعُ قِسْمَةُ الزَّرْعِ مَعَ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ بَيْعُ الزَّرْعِ قَبْلَ طِيبِهِ حَتَّى يَقْتَسِمَاهُ بِالْكَيْلِ بَعْدَ الدِّرَاسِ وَيَبِيعُ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنَ الْأَصْلِ وَالْمَاءِ وَيُقَاسِمُهُ الْأَرْضَ وَيُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ عَلَى الْعَمَلِ مَعَ صَاحِبِهِ أَوِ الْمُقَاسَمَةِ.
فَرْعٌ:
قَالَ إِذَا مَلَكَ بِجِوَارِ جِدَارِكَ خَلِيجًا يَجْرِي فِيهِ السَّيْلُ فَهُدِمَ جِدَارُكَ فَعَلَى صَاحِبِهِ بِنَاؤُهُ إِنْ كُنْتَ لَا تَسْقِي مِنْهُ كَسَائِقِ الدَّابَّةِ وَإِنْ كُنْتَ تَسْقِي مِنْهُ فَلَا لِأَنَّكُمَا سُقْتُمَا الْمَاءَ فِيهِ قَالَ وأصل الْمَذْهَب وجوب الْقيمَة فِي الْعرُوض وبالجدار عَرْضٌ وَإِنَّمَا وَجَبَ الْبِنَاءُ لِأَنَّ الْقِيمَةَ قَدْ لَا تُقِيمُ الْجِدَارَ عَلَى حَالِهِ فَلَا يَنْجَبِرُ الْخلَل فَيغرم هَهُنَا أَكثر من الْقيمَة فَهَذِهِ المسئلة مُسْتَثْنَاةٌ مِنَ الْعُرُوضِ فِي وُجُوبِ الْمِثْلِ كَمُسْتَهْلِكِ فَرد من زوج لَا تلْزمهُ قيمَة بَلْ قِيمَةُ مَا نَقَصَ الْجَمِيعُ وَكَجِلْدٍ اسْتَثْنَى فَاسْتَحَقَّ الْمُشْتَرِي الْحَيَوَانَ فَإِنَّهُ يَقْضِي فِيهِ بِالْمِثْلِ وكفرق الثَّوْبِ خَرْقًا يَسِيرًا قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ فِي وُجُوبِ الْمِثْلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مثل الْبناء بَالِيًا لتعذر ذَلِك وَكَذَلِكَ الرَّفْوُ هُوَ لَمْ يَسْتَهْلِكْ رَفْوًا وَإِنَّمَا أَخْرَقَ الثَّوْبَ.
فَرْعٌ:
قَالَ بِئْرٌ بَيْنَكُمَا اقْتَسَمْتُمَاهُ سَاقِيَتَيْنِ فَارْتَفَعَ التُّرَابُ تَحْتَ دِلَائِكَ حَتَّى تَعَذَّرَ السَّقْيُ ان كَانَت عَادَة فِي التَّنْظِيف حملتهما عَلَيْهَا وَإِلَّا فَالْكَنْسُ عَلَيْكُمَا لِأَنَّ تُرَابَكَ مِنْ عِنْدِهِ وَمِنْ عِنْدِكَ.
فَرْعٌ:
فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا نَقَصَ مَاءُ الْبِئْرِ أَوِ الْعَيْنِ فَأَرَادَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْعَمَلَ فَإِنْ عَمِلَ الْآخَرُ وَإِلَّا بَاعَ مِمَّنْ يَعْمَلُ أَوْ يُعَمِّرُ الطَّالِبُ فَمَا زَادَ عَمَلُهُ فَهُوَ لَهُ حَتَّى يَأْخُذَ نِصْفَ النَّفَقَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ كل أَرض مُشْتَركَة من أصُول أَو زرع هارت بيرها يُقَالُ لِلْمُمْتَنِعِ اعْمَلْ مَعَ صَاحِبِكَ أَوْ بِعْ حِصَّتَكَ مِنَ الْأَصْلِ فَتَأْخُذُ حِصَّتَهُ أَوْ يَأْخُذُ حِصَّتَكَ فَمَنْ أَرَادَ عَمِلَ أَوْ تَرَكَ وَمَنْ عَمِلَ لَهُ الْمَاءُ كُلُّهُ حَتَّى يُعْطِيَهُ شَرِيكُهُ مَا يَنُوبُهُ مِنَ النَّفَقَةِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَأَمَّا الْأَرْضُ الْمَقْسُومَةُ أَوِ الشَّجَرُ الْمَقْسُومُ أَوِ الزَّرْع لرجل فِي أَرض بَينهمَا مفروز إِلَّا ان ماءهما وَاحِدٌ فَتَهُورُ الْبِئْرُ أَوْ تَنْقَطِعُ الْعَيْنُ لَا يُكَلَّفُ الْمُمْتَنِعُ النَّفَقَةَ مَعَ شَرِيكِهِ فَإِنْ عَمِلَ الْآخَرُ فَلَهُ الْمَاءُ كُلُّهُ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ نَصِيبَهُ مِنَ النَّفَقَةِ قَالَ سَحْنُونٌ هَذَا فِي الْبِئْر الَّتِي لَيْسَ عَلَيْهَا حَيَاة وَلَا نخل أما مَا عَلَيْهَا ذَلِك فَيجْبر للممتنع عَلَى الْعَمَلِ أَوِ الْبَيْعِ مِمَّنْ يَعْمَلُ وَإِلَّا يبع عَلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَ الْبِئْرُ خَرِبًا أَوِ الْعَيْنُ فَلَا يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ إِنَّمَا يُجْبَرُ حَيْثُ يَبْقَى بَقِيَّةٌ مِنَ الْمَاءِ فَلَوْ لَمْ يُجْبَرْ فَسَدَتْ بَقِيَّتُهُ فَهُوَ ضَرَرٌ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا انْهَارَتِ الْبِئْرُ أَوِ الْعين فأصلحتهما وأبى شريكك لَك مَنعه المَاء ان كَانَ فِيهِ فَضْلٌ حَتَّى يُعْطِيَكَ نَصِيبَهُ مِنَ النَّفَقَةِ لِأَنَّ الْمَاءَ نَشَأَ عَنْ نَفَقَتِكَ كَمَا يَنْشَأُ عَنْ مِلْكِكَ وَإِذَا احْتَاجَتِ الْبِئْرُ لِلْكَنْسِ أَوِ الْقَنَاةُ وَتَرْكُهُ يَنْقُصُ الْمَاءَ أَوْ لَا يَكْفِي مَاؤُهَا مُرِيدَ الْكَنْسِ فَلِمُرِيدِ الْكَنْسِ الْكَنْسُ وَهُوَ أَوْلَى بِمَا زَادَ الْمَاءُ بِكَنْسِهِ دُونَ الشَّرِيكِ حَتَّى يُؤَدِّيَ نَصِيبَهُ مِنَ النَّفَقَةِ وَكَذَلِكَ بِئْرُ الْمَاشِيَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَقَعَ فِي الْمُسْتَخْرَجَةِ إِذَا اسْتَدَّتِ الْقَنَاةُ فِي أَوَّلِهَا يُنَقِّيهَا الْأَوَّلُونَ دُونَ مَنْ بَعْدَهُمْ أَوْ فِي آخِرِهَا ينقيها الْأَولونَ مَعَ الآخرين وَهَذَا إِنَّمَا يَصح فِي قَنَاةِ الْمِرْحَاضِ لِأَنَّهَا إِذَا اسْتَدَّتْ فِي أَوَّلِهَا يَكُونُ بَاقِيهَا غَيْرَ مَسْدُودٍ فَالضَّرَرُ يَخْتَصُّ بالأولين وَفِي آخرهَا يتَضَرَّر الْجَمِيع بانحباس اتفال الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ وَأَمَّا قَنَاةُ الزَّرْعِ وَالطَّاحُونِ يَتَضَرَّرُ الْجَمِيعُ بِانْسِدَادِ أَوَّلِهَا فَالْإِصْلَاحُ عَلَيْهِمْ وَأَيٌّ مَنْ تَمَّ نَفْعُهُ بِبَعْضِ الْإِصْلَاحِ كَانَ بَقِيَّةُ الْإِصْلَاحِ عَلَى الثَّانِي فَإِنْ كَمُلَ نَفْعُ الثَّانِي فَعَلَى الثَّالِثِ ثُمَّ كَذَلِكَ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُقَالُ لِلشَّرِيكِ عَمِّرْ أَوْ بِعْ حِصَّتَكَ مِنَ الْأَرْضِ أَوْ قَاسِمْهُ إِيَّاهَا قَالَ ابْنُ نَافِعٍ هَذَا فِي الْبِئْرِ لَيْسَ عَلَيْهِ إِحْيَاءُ زَرْعٍ وَلَا نَخْلٍ وَلَا غَيْرُهُ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِصْلَاحِ كَصَاحِبِ السُّفْلِ مَعَ صَاحِبِ الْعُلُوِّ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا كَانَ الْبِئْرُ يُخْشَى خَرَابُهُ يُجْبَرُ الشَّرِيكُ نَفْيًا لِلضَّرَرِ وَإِنْ كَانَ خَرَابًا لَمْ يُجْبَرْ إِذْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى عَدَمِ الْعِمَارَةِ خراب وَمن أعمر فَهُوَ أَحَقُّ بِالْمَاءِ حَتَّى يُعْطِيَهُ الْآخَرُ حِصَّتَهُ مِنَ النَّفَقَةِ فَيَكُونُ الْمَاءُ بَيْنَهُمَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا مَضَى لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ بِعَدَمِ الْمُوَافَقَةِ وَعَنْ مَالِكٍ إِنْ قَلَّ المَاء فَيبقى مَا يَكْفِي أحد الشَّرِيكَيْنِ وَصَاحب الْقَلِيلِ دُونَ صَاحِبِ الْكَثِيرِ لَا يُجْبَرُ صَاحِبُ الْقَلِيلِ وَيَعْمَلُ الْآخَرُ وَلِصَاحِبِ الْقَلِيلِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ قَبْلَ الْعَمَلِ حَتَّى يُعْطِيَ حِصَّتَهُ مِنَ النَّفَقَةِ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ قَالَ مَالِكٌ يُعْطِيهِ حِصَّتَهُ مِنَ النَّفَقَةِ يَوْمَ أَنْفَقَ وَإِنَّمَا أَقُولُ قَدْرَ قِيمَةِ الْعَمَلِ فَيَقُومُ يَوْمَ يَقُومُ وَقَدْ بَلِيَ لِأَنَّهُ من الْيَوْم تَملكهَا فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ جَدِيدًا لِئَلَّا يُؤْخَذَ مِنْهُ ثمن مَا انْتفع بِهِ غَيره وَفِي المسئلة أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ قَوْلٌ انْهَارَتِ الْبِئْرُ أَوْ نَقَصَتْ لِمُرِيدِ الْإِصْلَاحِ الْإِصْلَاحَ وَهُوَ أَحَقُّ بِالْمَاءِ حَتَّى - يُعْطِيهِ شَرِيكه حِصَّتَهُ فَإِنْ كَانَا شَرِيكَيْنِ فِيمَا يُسْقَى مِنْ نَخْلٍ أَوْ كَرْمٍ خُيِّرَ الْمُمْتَنِعُ بَيْنَ الْعَمَلِ وَالْبَيْعِ وَالْمُقَاسَمَةِ فِي الْأَصْلِ فَيَعْمَلُ مَنْ أَرَادَ أَن يكون لَهُ المَاء كُله حَتَّى يُعْطِيَهُ الْآخَرُ حِصَّتَهُ مِنَ النَّفَقَةِ وَقِيلَ إِنْ كَانَا شَرِيكَيْنِ فِيمَا يُسْقَى بِهِ لَمْ يُخَيَّرِ الْمُمْتَنِعُ بَيْنَ الْعَمَلِ وَالْبَيْعِ كَصَاحِبِ السُّفْلِ وَالْحَائِطُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِئْرٌ لَا حَيَاةَ عَلَيْهِ وَقِيلَ إِنَّمَا يُؤْمَرُ بِالْعَمَلِ إِذَا لَمْ يُخَرَّبُ الْبِئْرُ أَمَّا الْخَرَابُ فَلَا وَقيل إِن كَانَت من الزَّرْعِ لَا تَنْقَسِمُ - وَقَدْ زَرَعَاهَا جُبِرَ الْمُمْتَنِعُ عَلَى الْبَيْعِ لِتَعَذُّرِ الْقِسْمَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَزْرُوعَةً وَفِيهَا نَخْلٌ لَا ثَمَرَ فِيهَا حَتَّى تَجُوزَ قِسْمَتُهَا خُيِّرَ بَيْنَ الْقِيمَةِ وَالْبَيْعِ وَالْعَمَلِ وَإِنْ كَانَ النَّخْلُ مُنْقَسِمًا وَلَمْ تَبْقَ الشَّرِكَةُ إِلَّا فِي غَيْرِهَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْعَمَلِ بَلْ يَعْمَلُ صَاحِبُهُ وَهُوَ أَحَقُّ بِمَا زَادَ الْمَاءُ لِعَدَمِ الشَّرِكَةِ فِي الْأُصُولِ فَلَا يُكَلَّفُ بَيْعَ أُصُولِهِ لِشَرِكَتِهِمَا فِي الْبِئْرِ وَظَاهِرُ كَلَامِ سَحْنُونٍ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ الْعَمَلِ وَالْبَيْعِ كَالسُّفْلِ وَالْعُلُوِّ وَالْحَائِطُ بَيْنَهُمَا وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الرَّحَى تنهد فَيُقَالُ لِلْأَبِيِّ إِمَّا أَنْ تَبْنِيَ أَوْ تَبِيعَ فَلَوْ عَمِلَ أَحَدُهُمَا وَاغْتَلَّ غَلَّةً كَثِيرَةً قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ لِلْعَامِلِ مِنَ الْغَلَّةِ بِقَدْرِ مَا أَنْفَقَ وَمَا كَانَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يُنْفِقَ وَالْبَقِيَّةُ لِلْآخَرِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْغَلَّةُ كُلُّهَا لِلْمُنْفِقِ حَتَّى يَدْفَعَ قِيمَةَ مَا عَمِلَ كَالْبِئْرِ يَغُورُ مَاؤُهَا وَعَنْهُ يَسْتَوْفِي مِنَ الْغَلَّةِ نَفَقَتَهُ ثُمَّ يَكُونُ بَيْنَهُمَا وَاخْتَارَ عِيسَى أَنَّ الْغَلَّةَ كُلَّهَا لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ نَصِيبِ الْآخَرِ فِيمَا هُوَ بَاقٍ قَبْلَ الْعِمَارَةِ وَلَهُ دَفْعُ حِصَّتِهِ مِنَ النَّفَقَةِ وَالدُّخُولُ مَعَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِحِدْثَانِ الْعَمَلِ فَالْأَشْبَهُ قَوْلُ ابْنِ دِينَارٍ وَقَوْلُ عِيسَى قَالَ اللَّخْمِيُّ الْمُجْرَاةُ إِمَّا مِنْ أَوَّلِ الْعَيْنِ إِلَى الْمَغْلَقِ أَوْ بَيْنَ الْبَسَاتِينِ أَوْ مَوْضِعِ مُصَالَةِ الْمَاءِ فَالْأَوَّلُ عَلَى عَدَدِهِمْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى الْأَنْصِبَاءِ عِنْدَ أَصْبَغَ وَإِذَا اسْتَدَّتْ مِنَ الْأَوَّلِ إِلَى الثَّانِي فَالْإِصْلَاحُ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ مِنْ سَبَبِهِ وان استدا جَمِيعًا قِيلَ يُغَرَّمُ الْأَوَّلُ مَعَ جَمِيعِهِمْ وَالثَّانِي مَعَ الثَّالِثِ فَيُغَرَّمُ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ مَا بعده إِلَى آخِرهم وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ يُغَرَّمُ كُلُّ وَاحِدٍ مَا يَكُونُ مِنْهُ إِلَى مَا يَلِيهِ خَاصَّةً لَا يُشَارِكُ أَحَدًا مِمَّنْ قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَ السَّدُّ فِي الْمُصَالَةِ خَارِجًا عَنْ جَمِيعِهِمْ فَهُوَ مِنْهُمْ وَمَا حَدَثَ بَيْنَ الْبَسَاتِينِ مِمَّا نَزَلَ من الْعين فإزالته علو مَنْ هُوَ عِنْدَهُ إِلَى مَنْ بَعْدَهُ دُونَ مَنْ قَبْلَهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ سَدٌّ وَأَرَى إِذَا كَانَ السَّدُّ مِنْ سَبَبِهِمْ قُسِّمَتِ النَّفَقَةُ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى أَنَّ لِكُلٍّ وَاحِدٍ فِيهِ وَاخْتُلِفَ فِي قَنَوَاتِ الدِّيَارِ قَالَ سَحْنُونٌ الْكَنْسُ عَلَى الْأَوَّلِ حَتَّى يَبْلُغَ الثَّانِي ثُمَّ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي حَتَّى يَبْلُغَ الثَّالِثَ ثُمَّ الْجَمِيعُ حَتَّى يَبْلُغَ الرَّابِعَ هَكَذَا حَتَّى الْأَخِيرِ وَفِيهِ خِلَافٌ وَكَنْسُ قَنَاةِ الْمَطَرِ عَلَى عَدَدِ الديار وقناة الاتفال عَلَى عَدَدِ الْعِيَالِ وَإِنْ كَانَ سُفْلٌ وَعُلُوٌّ وتجتمع الأتفلال فِي بِئْر السّفل وبئر الشّركَة فَالْكَنْسُ عَلَى عَدَدِ الْجَمَاعَةِ فَإِنْ كَانَتْ مِلْكًا لِصَاحِبِ السُّفْلِ فَعَلَى صَاحِبِ السُّفْلِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ كَمَا يَصْلُحُ السَّقْفُ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ وَعَلَى عَدَدِ الْجَمَاجِمِ عِنْدَ ابْنِ وهيب لِأَنَّهَا اتفالهم وَإِصْلَاحُ مَا فَسَدَ مِنْ رَقَبَةِ الْبِئْرِ عَلَى صَاحب السُّفْلِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَبِئْرُ السُّفْلِ إِصْلَاحُ مَا يُكْنَسُ فِيهِ مِنَ الْمَجْرَى عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ مِنْهُمَا وَمَا نَقَصَ بِسَبَبِ الدَّارِ أَوْ مِنَ الرَّمْلِ فعلى صَاحب السّفل فان امْتنع وتعطل أصلح صَاحِبُ الْعُلُوِّ وَهُوَ أَحَقُّ بِمَائِهِ حَتَّى يُعْطِيَهُ مَا أنْفق.